أقصاك نادى يا بطل
أقصاك نادى يا بطل لبّ النّداء على عَجَل
سِرْ في الطّليعةِ أوّلاً واضربْ لأمّتك المثل
كُنْ في الثّبات كصخرةٍ كن في شموخك كالجبل
كن في النّزال كأنّما عجزت عن الوصف الجُمل
إصبر وصابر إنّه كان الفتى منذا احتمل
فالصّبرِ مضمار الفتى لا يَسْبِقَنْهُ به جَمَل
لا تخشَ أسبابَ الرّدى يحميك يا هذا الأجل
يجني الثّمارَ نضيجَها منذا على الله اتّكل
عزمُ الأمور توكّلٌ والصّبرُ مِفتاحُ الأمل
منذا تمسَّكَ فيهما بالنّصر لا ريب احتفل
************
أقصاك أوّلُ قبلةٍ في القلب يسكن والمُقَل
أقصاك ثاني مسجدٍ في الأرض مَبْناهُ اكتمل
هو ثالث الحرمين ما حجّ الحجيجُ وما ارْتحل
مَسْرى الرّسولِ محمّدٍ بدموع خشيتنا اغتسل
نلقاه من شوقٍ له يوم الّزيارة بالقُبل
وطنُ الرّباط إذا وعا لا ننثني مهما حصل
لا ينثني عن نُصرةٍ إلّا مصابٌ بالخبل
************
للّه دَرُّ عصابةٍ هبّوا لِنُصرة من سأل
نصروا فكانوا قدوةً لا خوفَ خالَجَ أو وَجَل
صبروا فَكَلَّ غريمُهم ولصبرهم كَلَّ الكلل
غرموا فَمَلَّ خصومُهم ولغرمهم ملَّ الملل
عدلوا فَذَلَّ عدوُّهم وبعدلهم عَزَّ الأَذَلّ
فتحوا الفتوح فرحّبت بهمُ السحائب والسَّبل
غنّت لهم من نشوةٍ كلُّ الحمائم والحَجَل
رقصت لهم من فرحةٍ أوتارُ ألحان الزَّجَل
داسوا القفارَ فأخصبت كُلُّ القفارِ ولم تزل
جبلوا الثّّرى بدمائهم خَضِّب يَدَيْكَ بما انجبل
لو كنت أنت حفيدَهُمْ أكّد لجدِّك ما فعل
ثابِرْ على مِنوالِهِمْ لا تَبْكِ رَسْماً أو طَلَل
إنّ البكاءَ من الفتى لَهُوَ اعترافٌ بالفشل